مافائدة عذرية الجسد إذا كان الفكر عاهرآلانحتاج للذهاب بعيدا ؛ فعلى سبيل المثال المرض لايفرض حتمية الموت ، الاختلاف لايعني الفقدان .
الانسان يشبه الكرة الأرضية فهو يضم فى داخله كل شئ ، تجد فيه البحر وفيه الجبال وفيه البراكين وفيه الصحاري ، يبقى لك مكان لتتطرق .. ولابد أن تتقبل أن البشر كواكب شتى .
تخيل معى فتاة تبحث عن الحياة .
**********
هل ترافقني و تدلني على الطريق؟!
– أي طريق؟!
– أريد أن أصبح عاهرة؟!
– ويلي.. أيتها الفاجرة ..
-اسمع لا تتذمر قبل أن تعرف ما حصل و يحصل.. وما سوف يصير…
– لا أسمعك.. قتلك أفضل…
-سعدت برأيك سوف أهرب…
– يا .. أنت هناك ماذا تريدين؟!
-أريد أن أصبح عاهرة…
نظر في وجهها المجعد المتعب.. و جسدها الضئيل.. ثم أشاح بوجهه عنها:
– لا تصلحين…
-أتعلم.. و العهر سياسة…
-عندي في البار جميلات كثر.. سياستهم بالفطرة.. امشي من هنا…
مافائدة عذرية الجسد إذا كان الفكر عاهرا
و تنقر على زجاج آخر ..
– أبو الشباب.. أريد أن أتعلم السياسة لأصبح عاهرة…
– و لماذا اخترت أطول الطرق للانتحار؟!
-في بيتي أربعة أطفال جياع.. والدهم مات شهيدا في زمن أعوج..زمن الأنصاف.. نصف يترحم و نصف يرجم ذكراه.. و الزمن زمن صارم يطعن كل الأنصاف.. المطعون يطعن طاعنه .. و أولادي حفاة.. أطيل موتي كي تصير لهم حياة…
وحينما هى تفكر في بيع نفسها من أجل حياة اولادها ، تملكها الصمت .. ومر في خيالها ذكرى لبيت وزوج ومدينة ، وطن مزقه أولاده حين اقروا ان الآخر منهم عاهر ، وسباب أصبح كصباح الخير ومساء الخير في زمن العولمة الصاعد .
صمتت تتذكر أطفالآ يبكون جوعآ ولايجدون رغيف الخبز .. تتذكر أخآ جنديآ وآخر معتقلآ .. وأقارب تقسموا مابين موالى ومعارض .. تتذكر كيف اصبح الدم رخيص .
صمتت و الصحوة تأكلها.. قوة وطن تغمرها.. و الأم وطن.. نظرت إلى ( سيجارة الراعى ).. وهو ينتظر جوابا..
بصقت، ثم أجابت:
-أسياسي تبيع وطني أنت؟! ام عاهر حقيقي أنت…
بقي لقب ( العاهرة) لقبا وسخا منبوذا حتى في عصر العولمة، و المرأة دوما منبوذة تحت شعار العقل الناقص أو الجسد العاري…
حتما يرفض العقل بيع المرأة لجسدها، لكن الرفض الحقيقي.. الرفض الشريف يكون بكشف النقاب عن العهر الكبير.. العهر الأعظم الذي دفع الفقيرات إلى أن يصبحن هاجس الرجل ( العاهر) في معنى الكلمة الغريزي.
حتى ” بابلو بيكاسو” خاف عندما رسم العاهرات الخمس في لوحته المشهورة ” آنسات أفينيون”.. حيث رسمها في عام 1907..و نشرها في عام 1916.. و لم تصبح معروفة حقاً حتى عام 1920.
الزمن كله سار للأمام.. أصبح مفهوم العهر شاملا في كل الدول المحترمة:
السرقة و الرشاوي: عهر.. القتل بغطاء ديني: عهر.. الكذب على البسطاء: عهر.. بيع الأوطان: عهر..
القتل للمخالف: عهر.. كم الأفواه: عهر.. الزنى الذكوري: عهر.. عمالة الأطفال: عهر.. تهجير العقول: عهر..
رجم السافرات: عهر..
و التشهير.. و التهديد.. و تكفير المخالف عهر.. عهر.. عهر.
صرنا في القرن الواحد و العشرين ، نشرت رواية جديدة ل ” غابرييل غارسيا ماركيز” عام 2004 باسم ” ذكريات عن عاهراتي الحزينات” باسمها الحقيقي، ثم ترجمت للانكليزية عام 2005 في كل الدول التي تخضع لسلطان ما فوق الرأس لا ما بين الفخذين…
و عندما نشرت هذه الرواية في عام 2007 في ايران تحت اسم ” ذكريات عن أحبتي الحزينات” .. بيع منها 5000 نسخة في ثلاثة أسابيع، بعدها تم منعها من قبل ( العقلاء) لأنها بزعمهم تحرض على الدعارة.. آه يا زمن داعرآ عقليا.
لا تحزنوا عشاق الأفلام( كارهي القراءة) .. ستتحول الرواية إلى فلم هذا العام…
(ليس هناك أفضل من( العاهرة) لتحاضر في الشرف ..
هذا غالبا صحيح لأنها تحاضركم بالشرف الكبير و هو الشرف الذي تنسونه و لا تقطع لأجله رقاب، هي تخبركم تماماً: عن الفقر، الأمومة، المرض، و الجوع .. عن المسؤولين و تجار الدين و السياسة الذين ركضت في الماضي وراء حلولهم قبل أن يركضوا وراء مؤخرتها..
عاهرات كثر يخبرونكم عن طريق طويل من قلة الشرف اقترفه مجتمع بصمته، و نميمته.. بنفخ ( الحرامية) ، و طعن ( البسطاء).. بالكيل بمئة مكيال..
طريق طويل قطعنه من عهر الجميع، من العهر الحقيقي، قبل أن يصلن إلى عهر بين الفخذين الذي تختص عقول الكثيرين برؤيته لوحده…
