رسالة عزاء
تحيةٌ غاصت في بحر الأحزان، ثم عادت من لججه تحمل لك دموع العزاء بمصابك الجلل.
أخي العزيز عباس فضل خزعل، لا أعرف إن كان سيسعفني هذا القلم المكسور بالأنين، لأكتب لك بضع كلمات أعتبرها عزاء لكلينا، كيف لا و قد عشنا أخوة لا مثيل لها، فالسنون الطويلة جعلت علاقتنا تبنى على أكثر من صداقة، فكنت خير أخ و عزيز، حتى اختلطت علي الأمور في حال خطبك الجلل، أهو خطبك أم خطبي أنا، فلطالما كانت أمك بمثابة الأم الثانية لي، أوتذكر يا أخي، كيف أننا و عندما كنا صغارا، إذ يختفي أحدنا من أنظار أبويه، يجدونه في بيت الآخر؟ أوتذكر كيف كنا نتشارك صهوات خيولنا و نجوب بها حقولا أحاطت بديارنا؟ كل هذا لأقول لك أن العزاء مشترك.
أخي، منذ أن وصلني الخبر، و أنا أنظر إلى شاشة هاتفي دون أي فكرة عن ذلك، أأنتظر منك اتصالًا تعزيني به ، أم أنني خائف من الإتصال بك، متردد من الضغط على رقمك، فلست أدري إن كنت سأكون صلب الحديث لأعطيك بعض القوة، أم ستكسرني دموعي فأصب فوق أوجاعك وجعًا، لست أدري إن كنت سأبدأك بعبارات العزاء أم ستبدأ أنت، كيف لا و العزاء بيننا مشترك، كيف أضغط على شاشة هاتفي الذي طالما كان خير مسهل للحديث بيني و بينك رغم مسافات غربتنا، و قد وضعني اليوم في أصعب موقف أشهده في حياتي، فكلما تذكرت أنك لم تصل إليها قبل فوات الأوان، و أن المنية قد وافتها، و قد كنت لا زلت على متن طائرة الغربة الملعونة، أشعر بطعن السكين في صدري، و بخنقة تعتريه كما لو كنت معلقا على حبل المشنقة.
إلى هنا و قد اختنقت بعبرتي، سأتركك تستقبل المعزين ، و أبقى في زاويتي، تارة أبكي على فقدنا العزيزة أمك، و تارة أبكي على حالك و بكائك و تارة أبكي على حزني بكليكما.
سأبقى إلى جانبك فلا زال لك في هذه الدنيا أخ تسند كتفك على كتفه، يساندك أينما حللت.
في أمان الله.
الفاتحة إلى روح المرحومة عايدة فقيه.
محمد باقر جابر